الأدلة، ومن ثَمّ صرنا محتاجين إلى تعلم أصول الفقه، وإما أن يكون من قصور الفهم، فيكون الإنسان عنده علم وعنده تدبر لكن لا يفهم، والناس يختلفون في هذا اختلافًا عظيمًا، فتجد بعض الناس يستطيع أن يستنبط من الآية أو الحديث فوائد كثيرة، ولا يستنبط غيره من ذلك إلا قليلًا بالنسبة له، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء؛ ولهذا لما سئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: هل خصكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء، يعني: هل أوصى إليكم؟ قال:"لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! إلا فهمًا يؤتيه الله أحدًا في كتابه" - انظر إلى قوله:"إلا فهمًا يؤتيه الله أحدًا في كتابه" - وما في هذه الصحيفة، قيل: وما فيها؟ قال:"العقل، وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر"(١).
الشاهد من هذا قوله:"فهمًا يؤتيه الله أحدًا في كتابه" وأنت إذا تأملت كلام العلماء - رحمهم الله - وجدت الفرق العظيم بينهم في الفهم، فتجد - مثلًا - هذا العالم يشرح حديثًا ثُمّ يستنبط منه عشرين فائدة، وآخر يشرحه ولا يستنبط إلا خمس أو أربع فوائد، وكذلك في الآيات.
والرابع سوء القصد، فقد يكون الإنسان عنده علم واطلاع وفهم، ولكن قصده سيء، فيطالع الكتاب والسنة من أجل أن ينتصر لقوله، وإن كان يعلم أنه باطل، نسأل الله العافية، سيء القصد يحرم الوصول إلى المقصود.
* * *
(١) ورواه البخاري، كتاب الديات، باب لا يقتل المسلم بالكافر (٦٩١٥).