{الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الفوز معناه: الربح، يقال: فاز فلان، بمعني: ربح، والعظيم: معناه: ذو العظمة، والعظمة: هي ضخامة الشيء، وجلالة الشيء، وكثرة الشيء أيضًا، ومعلوم أن نعيم الجنة يتصف بالضخامة والجلالة والدوام، فهو أعظم فوز، ونظير ذلك قوله تعالى:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}[آل عمران: ١٨٥].
وإعراب هذه الجملة:"ذا" اسم إشارة مبتدأ.
{الْفَوْزُ} خبر المبتدأ.
{الْعَظِيمُ} صفة للفوز.
ولو قال قائل: إن {الْفَوْزُ} بدل، أو عطف بيان، أو نعت لـ "ذلك"، ويكون المعنى: وذلك الفوز هو العظيم؛ لكان صالحًا، لكن الإعراب الأول أحسن.
ويذكر أن الزمخشري - وهو من المعتزلة - قال تعليقًا على قوله تعالى:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} قال: أيُّ فوز أعظم من أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة؟ ! والإستفهام هنا بمعنى النفي؛ أي: لا فوز أعظم من ذلك، وقال بعض المحشين عليه والمتعقبين له: إنه أراد بذلك نفي رؤية الله عزّ وجل؛ لأن رؤية الله أعظم من الجنة وما فيها، وأعظم فوزًا، والله أعلم بمراده.
فمن نظر إلى اللفظ قال: إنه لا دلالة فيه في الواقع؛ لأن من لازم دخول الجنة النظر إلى وجه الله، ومن عرف حال الرجل وأنه معتزلي - ولكنه ذكي - قال: لعله أراد ذلك، ولو وقعت مثل هذه العبارة من شخص معروف بأنه يؤمن برؤية الله عزّ وجل، لما