وقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} خالدين: حال من الضمير في قوله: {يُدْخِلْهُ}، لكن يشكل عليه أن الحال كالنعت، والنعت يتبع المنعوت في إفراده وتثنيته وجمعه، وهنا صاحب الحال مفرد والحال جمع، فما هو الجواب عن ذلك؟
الجواب عن ذلك: أن نقول: إن صاحب الحال عائد على "من" الشرطية، و"من" الشرطية يجوز فيها مراعاة لفظها ومراعاة معناها، فإن راعيت اللفظ أعدت الضمير إليها مفردًا، وإن راعيت المعنى أعدت الضمير إليها جمعًا، وكذلك ما يشبه الضمير من الحال والصفة وما أشبهه، فيجوز مراعاة المعنى ومراعاة اللفظ، فهنا يقول الله:{يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} فراعى اللفظ في قوله: {يُدْخِلْهُ} والمعنى في قوله: {خَالِدِينَ}، ويجوز أن تراعي اللفظ والمعنى وتعود مرة ثانية لمراعاة اللفظ، قال الله عزّ وجل:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}[الطلاق: ١١]، فراعى في الأول اللفظ، ثم راعى المعنى، ثم راعى اللفظ، وهذا جائز في اللغة العربية.
وقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا} قال العلماء: الخلود هو المكث الدائم، إلا أن يدل دليل على أنه مؤقت، فيراد به المكث الطويل، وإلا فالأصل أن الخلود هو الدوام، لكن إن وجد دليل يدل على أن المراد به طول المكث؛ عمل به.
وقوله:{وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} المشار إليه ما ذكر من هذا الثواب الذي أعده الله لمن أطاعه.