للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} اللذان: في مقابل اللاتي، وتكون للذكور، ولكن المقابلة ليست بتامة، فهنا قال: "اللذان"، وهناك قال: "اللاتي"، وقد قال بعض العلماء: إن المراد باللذان هنا: الزاني والزانية، ولكن الزانية سبق حكمها، وهو أنها تحبس في البيت، والزاني يؤذي ولا يُحبس في البيت. وقال بعض العلماء: المراد بهما اللوطيان؛ أي: الفاعل والمفعول به، وأضاف الإتيان إلى المفعول به مع أنه مأتي؛ لأن القابل الراضي كالفاعل، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" (١).

والصحيح أن "اللذان" يراد بهما اللائطان؛ أي: الرجل الذي يلوط بآخر، والعياذ بالله.

ولكن لماذا عبر في حق النساء بـ "اللاتي" وفي حق الذكور بـ "اللذان"؟

لأن فشوَّ الزنا في النساء أكثر من فشو اللواط في الذكور، وقد كانوا في الجاهلية لا يعرفون اللواط، حتى إن بعضهم يقول: لولا أن الله قص علينا ما قص من نبأ قوم لوط، لما كنا نتصور أن هذا يقع؛ لأنه لا يتصور أن رجلًا يرضى أن يُفعل به كما يفعل بالمرأة! ! !

هذا شيء مستحيل فطرة، ومستحيل شرعًا، فلذلك عبر عن


(١) رواه أبو داود، كتاب الحدود، باب فيمن عمِل عمَل قوم لوط، حديث رقم (٤٤٦٢)؛ والترمذي، كتاب الحدود، باب حد اللوطي، حديث رقم (١٤٥٦)؛ وابن ماجه، كتاب الحدود، باب من عمِل عمَل قوم لوط، حديث رقم (٢٥٦١)؛ وأحمد (١/ ٣٠٠) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>