للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللواط بأدنى ما يمكن أن يتحقق به وهو اثنان، بخلاف الزنا في النساء فإنه كثير.

وقوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} الضمير في {يَأْتِيَانِهَا} يعود على الفاحشة، وفاحشة الرجال هي اللواط، وهي أعظم من فاحشة الزنا؛ والدليل على عظمها: أن لوطًا قال لقوله: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف: ٨٠]، وفي الزنا قال الله عزّ وجل: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [النساء: ٢٢] أي: من الفواحش، أما اللواط فقال عنه: الفاحشة؛ لأنها - والعياذ بالله - مستفحشة في عقل كل إنسان.

ثم إن الزنا جنسه مما يباح بالعقد، واللواط لا يباح بأي حال من الأحوال، لا بعقد ولا بغيره، فكان أفحش.

وقوله: {فَآذُوهُمَا} أي: بالسب، والتعيير، والضرب، والإعراض على سبيل التعزير، والهجر، وما أشبه ذلك مما يتأذيان به.

وقوله: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} أي: إن تابا مما وقع منهما، وأصلحا عملهما في المستقبل، فأعرضوا عنهما؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فيعرض عنه؛ لأن السبب ما دام موجودًا، فإن المسبب يتبعه، فإذا زال السبب زال المسبب.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} توابًا: صيغة مبالغة، وذلك لكثرة توبته وكثرة من يتوب عليهم؛ فالذين يتوب الله عليهم لا يحصون، وتوبته عزّ وجل لا تحصي، فلهذا عبر بصيغة المبالغة، وتوبة الله على العبد نوعان: توبة قبل فعل التوبة، وتوبة بعدها؛ فالتوبة التي قبل فعل التوبة معناها: التوفيق للتوبة، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>