للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاحشة من الرجال يؤذى بالقول وبالفعل، وبالهجر، وبأنواع الأذى، وكثير من الناس قد تكون أذيته أشد من ضربه، وأشد من حبسه.

الحكم الثاني: ما دلت عليه السنة، وهو قتل الفاعل والمفعول به؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط؛ فاقتلوا الفاعل والمفعول به" (١)، ولا يحمل هنا المطلق علي المقيد، فيقال: اقتلوا الفاعل والمفعول به إذا كانا محصنين، كما هو الشأن في الزنا؛ وذلك لأن من شرط حمل المطلق على المقيد: أن يكون الحكم واحدًا والسبب واحدًا، وهنا اختلف السبب والحكم، فهناك السبب الزنا وهو في فرج يحل في الجملة بعقد النكاح الصحيح، أو ملك اليمين، وهذا استباحة فرج لا يحل أبدًا.

وأيضًا فإن هذه الفاحشة - والعياذ بالله - يصعب التحرز منها - بخلاف الزنا -؛ لأنها تكون بين الذكور، ومن يحبس الذكور بعضهم عن بعض؟ فالتحرز منها صعب، فإذا لم يكن لها عقوبة رادعة قوية انتشرت في المجتمع، وإذا انتشرت في المجتمع فسد الرجال والنساء؛ لأن من عقوبة اللوطي أنه لا يشتهي النساء، فإذا لم يشته النساء؛ بقيت النساء متعطلة، وحصل الشر والفساد، والدليل على أن من عقوبة اللوطي أنه ينزع منه شهوة النساء: قول لوط عليه السلام لقومه: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: ١٦٥ - ١٦٦]، فهم لم يذروا النساء إلا لأنها سلبت


(١) تقدم ص ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>