شهوة النساء من نفوسهم، وإلا فإن الإنسان بفطرته يميل إلى النساء، وهذه العقوبة إذا انتشرت في المجتمع فسد رجاله ونساؤه، وتعطلت مصالحه، فلهذا كانت الحكمة تقتضي القضاء على هذه الجرثومة الفاسدة بالقتل.
ولا يصح أن يحمل هذا المطلق على المقيد؛ لما عُلم من اختلاف السبب والحكم، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الصحابة أجمعوا على قتل الفاعل والمفعول به، إلا أنهم اختلفوا في كيفية القتل، فمنهم من قال: يلقيان من شاهق من أعلى مكان في البلد ثم يتبعان بالحجارة، ومنهم من قال: يرجمان، ومنهم من حرَّق اللوطي: الفاعل والمفعول به؛ لأن جريمتهما عظيمة منكرة، وقد سماها لوط: الفاحشة، والزنا في كتاب الله سمي: فاحشة، والأول أشد.
٢ - أن من تاب وأصلح وجب الكف عن عقوبته، وقد صرح الله تعالى في آية المحاربين في سورة المائدة أن ذلك مشروط بما إذا تاب قبل القدرة عليه، قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)} [المائدة: ٣٤]، أما لو تاب بعد القدرة عليه؛ فإنه لا ترفع عنه العقوبة، لكن الذي يظهر من السنة أن ما ثبت بإقرار ثم تاب فإنه يترك ليتوب، ودليل ذلك حديث ماعز بن مالك - رضي الله عنه - حين جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقر عنده بالزنا، فأمر برجمه، فلما أذلقته الحجارة - أي: أصابه مس الحجارة - هرب؛ ولكن الصحابة لكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمرهم برجمه قالوا: لا بد من تنفيذ أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنفذوا الرجم، ثم أخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: