للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه؟ ! " (١)، فدل ذلك على أن المقر بالذنب إذا تاب ولو في أثناء الحد، فإنه يترك فيتوب الله عليه، وقوله: "هلا تركتموه يتوب" ليس لمعنى أنه يأتي إليَّ فيخبرني بما يريد ثم أقيم عليه الحد، بل المعنى هلا تركتموه بلا حد فيصلح حاله في المستقبل، فالتوبة الأولى لإقامة الحد، ولهذا قال: أريد أن تطهرني، والثانية باصلاح حاله.

٣ - أن التوبة من الذنب لا بد أن يقارنها إصلاح، لقوله: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا}.

ولكن كيف تكون التوبة في مثل هذا؟

قيل: إن التوبة في مثل هذا أن يراود فيمتنع، كأن يقال لهذا المفعول به: نريد أن نفعل بك، فإذا امتنع دل ذلك على توبته، ويقال للفاعل: هذا يريد أن تفعل به، فإذا أبى دل ذلك على توبته، وكذلك يقال في الزاني والزانية، لكن هذا القول قول منكر، بعيد عن الصواب؛ لأن المراودة لا تكون إلا في حال السر، فإن كان المراود أهلًا للفعل - أي: يتوقع منه أن يفعل - فإنه قد يستجيب، وحينئذ تقع الفاحشة، وإن كان المراوِد ليس أهلًا لأن يفعل، فسينتبه المراوَد إلى أن هذا يريد أن يختبره، فيمتنع، وبهذا نعرف أن هذا القول لا أساس له من الصحة، ولكن التوبة من هذه الفاحشة تكون كالتوبة من غيرها من الذنوب، فإذا عرفنا أن الرجل قد عزف عن هذا الشيء، وصار لا يذهب إلى المجالس التي تنتشر فيها هذه الفاحشة، وما أشبه


(١) هذه الرواية عند أبي داود في، كتاب الحدود، باب رجم ماعز بن مالك، حديث رقم (٤٤١٩)؛ وأحمد (٥/ ٢١٦) عن نعيم بن هزال.

<<  <  ج: ص:  >  >>