للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب من وجهين:

الوجه الأول: أن هذه قضية عين، فكما أن أبا طالب ينتفع بشفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام دون غيره من الكافرين، فقد ينتفع بإسلامه دون غيره من التائبين في هذه الحال.

الوجه الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجزم بأنها تنفعه، بل قال: "أحاج لك بها عند الله" (١)، والمحاج قد تقبل حجته وقد لا تقبل، فإذا كان هذا الحديث لا يدل على أنها تقبل جزمًا، فإنه من المتشابه الذي يحمل على المحكم، وهو أن التوبة في هذه الحال لا تقبل.

مسألة: قد يترك بعض الناس الربا، أو شرب الخمر، أو الزنا، ليس توبة إلى الله، وإنما مللًا من هذا العمل، فهل يوصفون بالفسق؟

الجواب: أن نقول: أما باطنًا فهم فساق، وأما ظاهرًا فلا؛ لأننا نحكم بالظاهر، حتى وإن وجدت قرينة؛ والدليل على ذلك: حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - حين لحق المشرك، فلما أدركه ليقتله قال المشرك: لا إله إلا الله، فقتله متأولًا، فلما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟ " قال: نعم، قال: "قتلته؟ " قال: نعم، قال: "فما تفعل بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة"؟ ! فما زال يكرر عليه حتى قال: تمنيت أني لم أكن أسلمت بعد (٢)، فنحن الآن نوافق أسامة - رضي الله عنه - على


(١) الحديث السابق.
(٢) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات، حديث رقم (٤٠٢١)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل =

<<  <  ج: ص:  >  >>