للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيوجه إليهم؛ لأن الوصف إذا ذكر على وجه يهيج الإنسان، كان هذا إغراءً به، كما تقول: يا أيها الكريم! لا تبخل على الضيف، يا أيها الرجل! لا تغلبك النساء، فإن هذا يوجب على الإنسان أن يأخذه الحماس حتى يمتثل.

وقوله: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ} نفي الحل يقتضي التحريم، والمحلل والمحرم هو الله عزّ وجل، ولهذا يعبر الله سبحانه أحيانًا بالتحريم، وأحيانًا بنفي الحل، ففي هذه الآية قال: {لَا يَحِلُّ}، وسيأتي بعدها بآيات التصريح بالتحريم في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣].

وقوله: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} {كَرْهًا} أي: كُرهًا عليهن، بحيث لا يرضين بذلك وأنتم تجبرونهن على هذا الميراث.

وليس المعنى أنهم يرثونهن كما يرثون المال، بمعنى أنهم يسترقونهن، بل المعنى: أنهم يخلفون أزواجهن فيهم دون تملك؛ لأنهم لا يرثون النساء كما يرثون المال، بل يخلفون أزواجهن فيهن، فسماه الله ميراثًا؛ لأن كل من خلف غيره في شيء فهو وارث له، قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا} [مريم: ٤٠]، مع أن الله عزّ وجل مالك لها من قبل، ومالك لمن عليها، لكنه يفني من عليها ويبقى هو سبحانه، وقال تعالى عن زكريا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: ٥ - ٦] أي: يخلفني في قومي في العلم والنبوة، وليس المعنى أنه يرثهم ميراث مال؛ وذلك لأن الأنبياء لا يُورثون.

وقوله: {كَرْهًا} هذا القيد لبيان الواقع، وإذا كان لبيان

<<  <  ج: ص:  >  >>