للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواقع فلا مفهوم له، ولا يدل على أنهن لو رضين أن يخلف الرجال أزواجهن فإن ذلك جائز؛ لأن هذا لا يجوز إلا بعقد نكاح شرعي، فلا يحل أن يرثوا النساء لا كرهًا ولا اختيارًا، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل جاء ورثته من بعده ومنعوا المرأة أن تتزوج إلا بمن يرضون هم، وإذا كانوا من بني عمه اختارها أحدهم فتزوجها قهرًا عليها، وهذا لا شك ظلم وعدوان، فلهذا نهى الله عنه فقال: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}.

وقوله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} هذه مسألة أخرى تشبه ما سبق، فقوله: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} أي: لا تمنعوهن حقوقهن فتلجئوهن إلى المخالفة، {لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}، وهذا يقع كثيرًا من بعض الأزواج الظلمة، فيعضل زوجته ويمنعها، فإذا ضاقت به ذرعًا اضطرت إلى أن تفتدي نفسها منه بمال، فيكون هذا أخذًا لما أعطاها من قبل، إما الكل وإما البعض.

وقوله: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} فلو عضلها ليأخذ كل ما أعطاها فإنه يدخل في النهي.

وقوله: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} وفي قراءة "مُبَيَّنَة" أي: إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فلكم أن تعضلوهن، والفاحشة المبينة فيها أقوال:

قيل: إنها الزنا، فإذا زنت فله أن يعضلها من أجل أن تفتدي منه؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يبقى مع زوجة زانية، ولا تطيب نفسه أن يطلقها هكذا فيذهب ماله، فله في هذه الحال أن

<<  <  ج: ص:  >  >>