للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - الإشارة إلى أنه ينبغي للزوج أن يصبر إذا رأى من زوجته ما يكره، فإن العاقبة قد تكون حميدة، لقوله: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.

١٢ - أنه وإن كان الحكم ورد في كراهة الزوجة، فالعلة عامة، فكثيرًا ما يكره الإنسان الشيء ويجعل الله عزّ وجل عاقبته حميدة نافعة له، وهذا أمر مشاهد محسوس، وقد تكون العاقبة غير حميدة، لكن الغالب أن وعد الله يتحقق.

فإن قال قائل: {عَسَى} هنا هل هي للتحقق أو للرجاء؟

فنقول: قال العلماء: "عسى" من الله واجبة، فإذا قال الله: "عسى" فهي واجبة، والأمر واجب ويقع، ومن ذلك قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)} [النساء: ٩٩]، وذلك لأن الرجاء في حقه عزّ وجل غير وارد، إذ أنه هو المتصرف المدبر، والرجاء إنما يكون ممن لا يملك الشيء فيرجوه من غيره، وعلى هذا فتكون الآية وعدًا من الله أن من صبر ابتغاء وجه الله على ما يكرهه، واحتسابًا لثواب الله، بأن يجعل الله فيه خيرًا كثيرًا، فإنه يتحقق له هذا الوعد، فإن تخلف هذا الوعد فلوجود مانع، وإلا فإن وعد الله حق.

١٣ - إثبات وصف الله عزّ وجل بالجعل، لقوله تعالى: {وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، والجعل: كوني وشرعي، وأكثر ما في القرآن هو الشرعي، قال تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٩٧]، مع أن هذا يحتمل أن يكون جعلًا كونيًا، ومن ذلك قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: ١٠٣] أي: ما جعلها

<<  <  ج: ص:  >  >>