للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {الْيَتَامَى} جمع يتيم، وهو مأخوذ من اليتم، وهو الإنفراد، والمراد به اصطلاحًا: من مات أبوه وهو صغير لم يبلغ، سواء كان ذكرًا أو أنثى، أما إذا بلغ فإنه يزول يتمه بحسب الإصطلاح والحكم الشرعي، ولهذا جاء في الحديث: "لا يتم بعد احتلام" (١) أي: بعد البلوغ؛ لأنه إذا بلغ استقل بنفسه.

وقوله: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} أي: أموالهم التي لهم، سواء كانت عندكم بصفتكم أولياء، أو لم تكن عندكم، ولكن أخذتموها بغير حق، وقوله: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} أي: فلا تخونوا منها شيئًا، ولا تكتموا منها شيئًا، ولا تفسدوها، بل أعطوها كما كانت، ولا يلزم من قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} أن نعطيهم المال وهم أيتام؛ لأن اليتيم لا يعطى ماله إلا إذا اختبر، كما قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦].

وهناك فرق بين الإيتاء وبين الدفع؛ لأن الدفع معناه: لا تعطه المال حتى يبلغ ويرشد، لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، وإما إيتاء المال، فالمراد أن نحفظ المال لهم بحيث نعطيهم إياه كاملًا عند وجوب الدفع.

وقوله: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} أي: لا تأخذوا الخبيث بدلًا عن الطيب.

والمعنى: أننا لا نعطيهم الخبيث من أموالنا ونأخذ بدله الطيب، وقيل: معناها: لا تأخذوا أموالهم وتستغنوا بها عن الطيب؛ لأن أخذ أموالهم حرام، والحرام خبيث. ففيها وجهان:


(١) رواه أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم (٢٨٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>