للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الأول: أن لا تأخذوا الطيب من أموالهم وتعطوهم الخبيث، ومثاله: أن يكون لليتيم غنم سمينة جيدة، وعند وليه غنم هزيلة رديئة، فيأخذ من غنم اليتيم الطيب ويعطيه الرديء، فإن هذا حرام، أو يكون عنده بر طيب نقي، فيأخذه ويعطيه برًا رديئًا مخلوطًا .. وما أشبه ذلك.

فيكون معنى الآية على هذا الوجه: لا تأخذوا الطيب وتعطوهم الخبيث.

الوجه الثاني: لا تأخذوا من أموالهم شيئًا؛ لأن أموالهم حرام عليكم، والحرام خبيث، فيكون معنى الآية على هذا الوجه: لا تأخذوا أموالهم فتستغنوا بها عن الطيب الذي تكتسبونه بوجه حلال.

وكلا الأمرين محرم، سواء أخذ ماله بدون أن يعطيه عنه شيئًا، أو أخذ ماله الطيب وأعطاه عنه مالًا رديئًا.

وقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} قال العلماء: إن {إِلَى} بمعنى "مع"؛ أي: لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم، وقيل: بل إن {إِلَى} على بابها، ولكن قوله: {لَا تَأْكُلُوا} ضمنت معنى "تضموا"؛ أي: لا تضموا أموالهم إلى أموالكم فتأكلوها، وهذا المعنى أصح؛ لأن تضمين الفعل معنى فعل آخر في القرآن كثير، وإتيان "إلى" بمعنى "مع" قليل، وحمل الآية على المعنى الكثير في القرآن أولى من حملها على المعنى القليل، وهذا من قواعد التفسير: "أن حمل الآية على المعنى الكثير في القرآن أولى من حملها على المعنى القليل"؛ لأنها إذا كانت هي الكثيرة في القرآن صارت هي اصطلاح القرآن، وهي حقيقة القرآن.

والفائدة من تخصيص ذكر الأكل فقط؛ لأنه أكثر ما يكون،

<<  <  ج: ص:  >  >>