٥ - أن من كمال البلاغة أن يأتي المتكلم بأبشع صورة؛ تنفيرًا مما يريد التنفير عنه، لقوله:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}، والعقل يقتضي أنه مع هذا الإفضاء يرجع كل من المتعاقدين إلى ما كان عليه، فالمرأة ترجع بمهرها، والزوج قد جاءه عوضه، وهو استحلال فرجها.
٦ - الإشارة إلى ستر ما بين الزوجين، لقوله:{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}، وهذا الإفضاء معروف أنه إفضاء سري، ولهذا فإن الذي يفشي السر فيما كان بينه وبين زوجته من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة.
٧ - أن العقود عهود، لقوله:{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}، ولا شك أن العقود عهود، وعلى هذا فيدخل الوفاء بالعقد تحت قوله تعالى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}[النحل: ٩١]، وتحت قوله:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٤]، والوفاء بالعقود يعم الوفاء بأصل العقد وما أضيف إليه من شرط وصفة؛ لأن الشروط التي تشترط في العقود هي من أوصاف العقود، فإذا وجب الوفاء بالأصل وجب الوفاء بالصفة، ويتفرع على هذا التقرير: أن في الآية دلالة على وجوب الوفاء بالشروط في العقود، لكن يستثنى من ذلك ما منع الشرع منه، فإذا منع الشرع من شرط، حرم اشتراطه، وحرم الوفاء به، مثل أن يشترط البائع على المشتري ولاء العبد الذي باعه عليه، فهذا شرط باطل لا يصح، أبطله النبي - صلى الله عليه وسلم - علنًا، ومثل أن يشترط البائع على مشتري الأمة أن يطأها لمدة شهر، فإن هذا الشرط باطل؛ لأنه لما باعها انتقل الملك إلى المشتري، فوطء البائع