للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}، ومن جملة النساء زوجات الآباء، التي يخلفها الأب بعد موته، فبين الله عزّ وجل أن زوجات الآباء لا تحل فقال: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}.

قوله: {مَا نَكَحَ} النكاح في القرآن الكريم يطلق على العقد؛ وعلى الوطء، فإذا وقع على أجنبية فالمراد به العقد، أما إذا وقع على زوجة الإنسان فالمراد به الوطء، فإذا قيل: نكح زوجته، فهو الوطء، وإذا قيل: نكح بنت فلان، فهو العقد.

ففي قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، فهل المراد بالنكاح هنا العقد، أو أن المراد به الجماع؟

الجواب: المراد به الجماع؛ لأن هناك قرينة تدل على ذلك، وهي قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، ولا يمكن أن يصدق عليه أنه زوج إلا بعقد، ولهذا لا بد أن يكون العقد صحيحًا حتى تتحقق الزوجية، أما فيما عدا ذلك فالمراد به العقد، مثل قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} .. {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١].

وقوله تعالى: {مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} بناء على ما قررناه يكون المراد بالنكاح هنا: العقد؛ أي: ما عقدوا عليهن، سواء حصل الدخول أم لم يحصل، وسواء حصل الوطء أم لم يحصل.

وقوله: {آبَاؤُكُمْ} جمع أب، وهو شامل للأب الأدنى ومن فوقه، وهم الأجداد، وشامل للجد من قبل الأب ومن قبل الأم؛ وذلك لأن النكاح يكفي في تحريمه أدنى ملابسة، بخلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>