للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النكاح أخطر العقود، وأشدها، استثنى ما سلف؛ لئلا يظن الظان أن ما سلف ينسحب عليه الحكم الذي ثبت أخيرًا، فكأنه قال: لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، وقد عفا الله عما سلف؛ لتطمئن النفوس، وليس معنى ذلك: أن ما سلف من العقد يبقى، ويقر عليه الإنسان، بل يجب فسخه، والتفريق بين الإنسان والزوجة التي هي زوجة أبيه؛ لأن هذا التحريم باقٍ لم يَزُل وصفه.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} الضمير في: {إِنَّهُ} يعود على المصدر المفهوم من قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا} أي: إن نكاحكم، والضمير قد يعود على المصدر المفهوم من الفعل لدلالة السياق عليه، كما في قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨]، فقوله {هُوَ} أي: العدل المفهوم من كلمة اعدلوا.

فقوله: {إِنَّهُ} أي: نكاحكم ما نكح آباؤكم.

قوله: {كَانَ فَاحِشَةً} أي: والآن هو فاحشة، فعلى هذا تكون {كَانَ} هنا مسلوبة الزمان وإنما جاءت لتحقق هذا الأمر؛ لأن {كَانَ} إذا سلبت الزمان صارت للتحقيق، وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٢٤] فليس المعنى: كان فيما مضى، ولكن ثبت ثبوتًا قطعيًا أنه غفور رحيم، وهنا نقول: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} أي: ثبت فحشه.

وقوله: {فَاحِشَةً} أي: في نفسه، {وَمَقْتًا} أي: عند الله، فنكاح ما نكح الآباء من النساء فاحشة في نفسه، تستفحشه

<<  <  ج: ص:  >  >>