وصاحب المتعة لا يريد الإحصان، بل إنه يريد السفاح؛ لأن من أراد الإحصان فإن الإحصان لا يحصل إلا بالملازمة، أما أن يبقى عندها يومين أو ثلاثة أو أسبوعًا، فهذا لا يحصل به الإحصان، بل لا يزيد الأمر إلا شدة؛ لأن كون الإنسان قد كف نفسه وأيس، فإنه ربما يتحصن بعض الشيء، لكن إذا استمتع مدة يومين أو ثلاثة فإنه يزداد شبقًا، وبهذا لن يحصل الإحصان، والله سبحانه اشترط أن يكون محصنًا، وزواج المتعة إنما هو للسفاح فقط؛ أي: لسفح هذا الماء الذي ضيق عليه، ولذلك فلا يثبت به شيء من أحكام النكاح، فليس فيه طلاق، ولا نسب، ولا عدة، ولا إحصان، فكل أحكام النكاح لا تترتب عليه، حتى عند القائلين بجوازه، لا يترتب عليه شيء من أحكام النكاح، فدل هذا على أنه سفاح.
وقد دلت السنة على أنه حرام، فعن سبرة بن معبد الجهني - رضي الله عنه - أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في غزوة الفتح عن المتعة:"ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة"(١)، وهذا التحريم خبر مؤبد، فهي حرام إلى يوم القيامة، وإنما قلنا: إنه خبر مؤبد؛ لئلا يدعي مدعٍ أنه نسخ؛ لأن جعل غايته يوم القيامة معناه أن نسخه غير ممكن، ولو أمكن نسخه؛ لأمكن تكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا مستحيل.
وقد أجاز بعض العلماء المتعة للضرورة، فقال: إذا خاف الإنسان على نفسه الزنا، لكونه شديد الشهوة، ولكون الزنا متيسرًا - كما يوجد في بلاد الكفر -؛ فلا حرج أن يتمتع، ويروى هذا
(١) هذه الرواية لمسلم، كتاب النكاح، باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ واستقر تحريمه إلى يوم القيامة، حديث رقم (١٤٠٦) من حديث سبرة الجهني.