للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس رضي الله عنهما، فقد قال: "إنه كالميتة"، فإذا اضطر الإنسان إليه؛ فعله، وإلا فلا، وحجته: أن فيه ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وهو الزنا، الذي يشعر الإنسان بأنه تيس وجد عنزًا في الطريق فأقرعها ومشى، هذا هو الزنا، لكن المتعة فيها نوع من الإرتباط بين الرجل والمرأة، وهو ارتباط إلى المدة التي اتفقا عليها، ففيها شيء من العلاقة التي لا يشركه فيها أحد، لكن الزنا على خلاف ذلك.

ولكن القول الراجح: أنها لا تحل مطلقًا؛ لقول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٣]، وقد أنكر عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما على ابن عباس رضي الله عنهما إنكارًا عظيمًا في هذه المسألة، ومحل إنكار هذا القول؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمم فقال: "حرام إلى يوم القيامة" (١)، وأطلق، ولأن حقيقة المتعة استئجار المرأة ليزني بها لمدة معينة، فإذا تمت المدة خرجت من الباب الذي دخلت منه، ولا تعتد، ولا يترتب على ذلك شيء أبدًا، وهل الزنا إلا هذا؟ ! أما الضرورة فقد جعل الشارع لها حلًا، فقال عليه الصلاة والسلام: " .. ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" (٢)، وأما ارتكاب أدنى المفسدتين فيقال: هذه مفسدة مثل الأولى - أي: مثل الزنا - ولا فرق بينهما، والعلاقة الحاصلة - كما لو اتفق مع امرأة ليزني بها ليالي معينة - إنما هي علاقة يسيرة منقطعة في هذه الليالي، فالصواب التحريم مطلقًا، وقد سبق أن علماء


(١) تقدم ص ٢١٠.
(٢) تقدم ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>