ينبغي لنا إذا لاحت لنا مصلحة أن لا نتعجل في الأخذ بها حتى نرى ما يترتب عليها، فقد يترتب عليها من المفاسد ما هو أعظم من المصلحة.
والذين قالوا بالجواز، يقولون: لأن كل إنسان إذا لم تتلاءم معه زوجته فإنه يطلقها، ولكن نقول: هناك فرق بين شخص لم يدخل إلا على أنه سيطلق في يوم معين، وبين شخص آخر دخل على أنها زوجته، ولكنه وجد عارضًا يمنع الإستمرار في الزوجية، وهذا فرق عظيم.
ثم إننا نقول: ألستم تقولون: إن الرجل إذا تزوج المرأة بنية التحليل للزوج الأول - لا بشرط التحليل - فإن النكاح فاسد، فهذا مثله، لأن هذا نوى أن يطلق بعد زمن معين، وذاك نوى أن يطلق بعد زمن معين، والأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فإذا قالوا: إن هذا يمكن أن يرغب ويبقى، قلنا: والمحلل يمكن أن يرغب ويبقى.
فعلى كل حال: أنا أرى أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج بنية الطلاق إذا سافر.
لكن هل يصح النكاح أم لا يصح؟
المذهب عند الحنابلة أن النكاح غير صحيح؛ لأن نية المتعة كشرطها، كما أن نية التحليل كشرطه، والمخرج أن لا يفعل، وهناك الآن شيء أخف من هذا كله، وهو: أن هناك عقاقير تخفف الشهوة، ولا تقضي عليها؛ لأن الذي يقضي عليها لا يجوز، وهناك أمر آخر، وهو الإستمناء مثلًا؛ فإن الإستمناء أهون من المتعة ومن الزواج بنية الطلاق للضرورة.