للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - أن المهر يثبت باستمتاع الزوج بزوجته، لقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، وعلى هذا فيثبت المهر بالجماع وبالإستمتاع بالمرأة استمتاعًا لا يكون إلا من الزوج مع زوجته؛ كالتقبيل والضم ونحو ذلك، ويثبت أيضًا بالخلوة، كما جاء ذلك عن الخلفاء الراشدين.

١٧ - تسمية المهر أجرًا، ووجهه: أنه عوض في مقابل منفعة، لا في مقابل عين، فلو كان في مقابل عين لسمي بيعًا، لكنه في مقابل المنفعة، وهو استمتاع الزوج بالزوجة، فصار مثل الإجارة.

١٨ - أن المهر لازم كلزوم الأجرة على المستأجر، ولكن إذا سمح من له الحق فإنه يسقط، لقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧].

وقد سمى الله عزّ وجل المهر أجرًا، لا لأن الزوج يعامل زوجته وهو يشعر أنها كالأجير، بل إن معاشرة الزوج لزوجته ومعاملته لها أسمى من ذلك وأعلى؛ لأنه إذا شعر بأنها كأجير استأجرها ليستمتع بها؛ لم يحصل مقصود النكاح، وهو: المودة والرحمة، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١]، ولأنه لو شعر هذا الشعور، لغضب عليها حينما تمتنع منه لسبب أو لغير سبب، وربما طلقها، لكن إذا شعر بأن الأمر أعلى وأسمى من ذلك فإنه سيقدر الحياة الزوجية قدرها.

نعم، إن المهر أجر؛ لأنه في مقابل منفعة، ولكن الذي سيق إليه المهر ليس كالأجير، فالعوض - وإن سمي أجرًا - لكن المعوض له ليس كالأجير.

<<  <  ج: ص:  >  >>