وقال أهل العلم: إنه لا يجوز أن يتزوج السيد مملوكته؛ لأن استباحته بضعها كان بعقد أقوى من عقد النكاح؛ لأن عقد الملكية يفيد ملكها بجميع أنواع الإستمتاعات، وعقد النكاح يفيد ملك الإستمتاع بها فقط، فالأمة يملك سيدها منافعها كلها، فيملك أن تخدمه، وأن يؤجرها، وليس لها مال بل مالها له، ويملك الإستمتاع بها، والزوجة ليست كذلك.
إذًا: فملك منفعة البضع بملك اليمين أقوى من عقد النكاح، فلا يرد الأقوى على الأضعف، هذا من حيث التعليل.
أما من حيث الدليل فيقول الله تعالى:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[المؤمنون: ٦]، وجه الدلالة: أن الله جعل ملك اليمن قسيمًا للزوجية.
{مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} من بيان لـ {مَا} في قوله: {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وفتيات جمع فتاة؛ وهي الأمة المملوكة وتطلق على الشابة إذا أضيفت إلى الحرة. واشترط الله عزّ وجل فيها الإيمان، فقال:"المؤمنات"؛ أي: لا بد أن تكون مؤمنة، فإن كانت كتابية فإنها لا تحل، حتى وإن كان ممن لا يجد طول الحرة.
وقوله تعالى:{وَاللَّهُ أَعْلَمُ} الجملة هنا جملة اعتراضية، يعني: أن الله سبحانه أعلم بالإيمان، فإذا اشترط الله الإيمان فليس لنا إلا الظاهر، أما الباطن فعلمه عند الله، ولهذا كان الحساب في الدنيا على الظاهر وفي الآخرة على الباطن.
وقوله:{بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}: البعضية هنا بعضية إنسانية، يعني: أن الله أباح لنا الإماء لأنهن منا بشر مثلنا، فبعضنا من