قد يقول قائل: هذا مع ما قبله تكرار؛ لأنه قال:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ}{وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} فكيف قال: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}؟
والجواب: نقول: الفائدة من ذلك شيئان:
الأول: التوكيد، وإذا أكد الله عزّ وجل أنه يريد التوبة علينا، فإن ذلك مما يسرنا ويزيدنا نشاطًا في التعرض لتوبة الله عزّ وجل.
الفائدة الثانية: التوطئة لقوله: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ} فهي: تمهيد وتوطئة لما ذكر بعدها، وهو أن الله له هذه الإرادة، وللذين يتبعون الشهوات تلك الإرادة، ولهذا كررها: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧)}.
وقوله:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ} يشمل الكافر والفاسق؛ لأن الكافر يريد الشهوات ويتبعها، والفاسق كذلك، قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلَّا مَنْ تَابَ} [مريم: ٥٩، ٦٠]، فالذين يتبعون الشهوات هم الكفار والفساق.
قوله:{أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} أي: تنحرفوا عما يريد الله سبحانه بكم من أسباب التوبة، وهي فعل الأوامر وترك النواهي، فالله يريد شيئًا وهم يريدون شيئًا بخلافه.
ثم قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)}.