{آمَنُوا} فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به، وإما شر تنهى عنه" (١).
وهنا جاء النهي:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، فإن {لَا} هنا ناهية، فجزم الفعل بعدها بحذف النون.
وقوله:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ} أي: ما تتمولونه من قليل أو كثير، من عروض أو نقود، من ديون أو أعيان، فهي عامة لكل الأموال.
وقوله:{بَيْنَكُمْ} أي: في التعامل؛ لأن أكل المال لا بد أن يكون بين اثنين فصاعدًا، أما إذا كان من واحد فهذا قد أكل مال نفسه.
قوله:{بِالْبَاطِلِ} الباطل في اللغة: الضائع سدى، والهالك الذي ليس فيه خير.
والمراد بالباطل هنا ما خالف الشرع؛ لأن الشرع حق وما خالفه باطل، والمعنى على هذا: لا تأكلوا أموالكم بينكم على وجه يخالف الشرع، مثل الربا والغش والكذب والتدليس، وما أشبه ذلك.
قوله:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ}، إلا: أداة استثناء، لكن المراد بها الإستدراك، يعني: لكن إن كانت تجارة بينكم عن تراض منكم فهذا لا بأس به، وإنما قلنا إن الإستثناء منقطع؛ لأن قوله:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ليس من جنس الأكل بالباطل، بل هو أكل بحق، والإستثناء المنقطع هو أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه.
(١) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق، باب التحضيض على طاعة الله عز وجل (٣٨)؛ وابن أبي حاتم في تفسير سورة البقرة قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... } وأورده ابن كثير في تفسيره (١/ ٩١، ٢٠٦).