للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} فيها قراءتان سبعيتان "تِجَارَةٌ" بالرفع، و "تِجَارَةً" بالنصب، أما على قراءة الرفع فلا إشكال فيها، والمعنى: إلا أن تحدث تجارة بينكم، وهنا تكون "كان" تامة لا ناقصة، وأما على قراءة النصب فإن "كان" ناقصة، و "تجارة" خبرها، واسمها مستتر، وحينئذ يُشكِل أن يكون الإسم مستترًا، وتقديره "هي" مع أن الأكل من قوله: {لَا تَأْكُلُوا} مذكر، إذ لا يصح أن أقول: إلا أن تكون الأكل تجارة.

ولكن ها هنا فائدة؛ وهي أنه إذا توسط الضمير أو اسم الإشارة بين شيئين الأول مذكر والثاني مؤنث أو بالعكس، فإنه يجوز مراعاة الأول أو الثاني، فجاز أن يُذَكِّر باعتبار مرجعه السابق، وأن يؤنث باعتبار مرجعه اللاحق، فهنا أُنثَ باعتبار مرجعه اللاحق، يعني: إلا أن تكون التجارة التي تأكلون بها الأموال تجارة عن تراض منكم.

والتجارة: هي التبادل بين الناس من أجل الربح، ومنه قول الفقهاء: "عروض التجارة"، أما ما يهدى أو يرهن أو يعار فهذا ليس بتجارة، وكذلك ما اشتري لدفع الحاجة كشراء الخبز للأكل، فهذا ليس بتجارة؛ لأن الإنسان لا يقصد به الربح.

وحينئذ يبقى في مدلول الآية إشكال: وهو أنه إذا كانت المعاملات بغير قصد التجارة أكثر من التجارة، فلماذا لم يذكرها؟

فقيل: إنها لم تذكر لأن الغالب في تعامل الناس هو التجارة، وهي التي يقع فيها المشاحة، وأما غيرها: فالإهداء يصدر عن طيب نفس من المهدي، وكذلك العارية، وكذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>