للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرهن، وما اشتري للحاجة فالغالب أنه لا يحصل فيه تشاحن؛ لأن الإنسان يقصد به دفع الحاجة لا حصول الربح، فلهذا ذكرت التجارة، وإلا فمن المعلوم أن العقود التي تقع عن تراض أكثر من عقود التجارة.

قوله: {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}:

عن تراض: الجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: صادرة عن تراض منكم، أو: حاصلة عن تراض منكم. و {تَرَاضٍ} هنا صيغة تفاعل يتبين بها أن المراد التراضي من الطرفين: الآخذ والمعطي.

وقوله: {مِنْكُمْ} يعني: صادر منكم أنتم أيها المتعاملون لا من غيركم، فلو رضي الأب ببيع مال ابنه والإبن لم يرض والملك للإبن، فلا عبرة برضا الأب.

ثم قال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}: القتل معروف، وهو إزهاق النفس، ولكن قوله: {أَنْفُسَكُمْ} هل المراد بذلك نفس القاتل ويكون هذا بمعنى الإنتحار، أو المراد بأنفسكم: إخوانكم، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [الحجرات: ١١] , فإن الإنسان لا يلمز نفسه إنما يلمز أخاه، فأيهما المراد؟

نقول: الآية شاملة لهذا وهذا، فلا يقصر على من يقتل نفسه ولا على من يقتل غيره.

فإن كان المراد: لا تقتلوا أنفسكم أنتم، فلا إشكال في الآية، وإن كان المراد: لا تقتلوا غيركم، فنقول: عبر عن الغير بالنفس؛ لأن المؤمن مع أخيه كالجسد الواحد، كما ضرب لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلًا: "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد

<<  <  ج: ص:  >  >>