وقوله:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}{خِفْتُمْ} أي: خشيتم وتوقعتم أن لا تعدلوا، وقيل: المعنى: إن علمتم، والصواب أنها على المعنى الأول؛ أي: خشيتم، {فَوَاحِدَةً} أي: فانكحوا واحدة ولا تزيدوا عليها.
وقوله:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فما ملكت اليمين لا تنكح، وتوطأ بالملك ولا توطأ بالنكاح، ولهذا يحرم على الرجل أن يتزوج أمته؛ لأنها تحل له بعقد أقوى من النكاح وهو ملك اليمين، والأضعف لا يرد على الأقوى، بخلاف العكس، فإنه يرد الأقوى على الأضعف، فلو اشترى الرجل زوجته انفسخ النكاح وحلت له بملك اليمين، أما لو كان عنده أمة، فإنه لا يمكن أن يتزوجها؛ لأنه ملكها بعقد أقوى من النكاح، فإن السيد يملك الرقبة والمنفعة، بخلاف الزوج فإنه لا يملك إلا المنفعة.
إذًا: لا يصح أن نقول: إن قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} معطوف على قوله: {فَوَاحِدَةً}؛ لأنه يختل المعنى، بل المعنى: فانكحوا واحدة، أو استمتعوا بما ملكت أيمانكم، أو كلمة نحوها، فليست معطوفة على ما سبق إلا في باب عطف الجمل، فيقدر فعل مناسب لقوله:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}.
وقوله:{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}{ذَلِكَ} إشارة إلى نكاح الواحدة عند خوف عدم العدل، وإلى أن يتزوج الإنسان اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا عند خوف عدم العدل في اليتامى؛ أي: إشارة إلى الأمرين: نكاحكم مثنى وثلاث ورباع إذا خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، أو نكاحكم واحدة إذا خفتم ألا تعدلوا. {أَدْنَى} أي: أقرب. {أَلَّا تَعُولُوا} أي: ألا تجوروا، هذا هو معنى الآية