في قوله:"انكحوا" خطاب للجماعة وليس لواحد، فإذا كان الخطاب للجماعة فإن المعنى: ينكح بعضكم اثنتين، وبعضكم ثلاثًا، وبعضكم أربعًا.
ويدل لهذا الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل لا يتزوج أكثر من أربع، أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه مخصوص بخصائص متعددة في النكاح:
منها: أنه يتزوج بأكثر من أربع.
ومنها: أنه يتزوج بالهبة.
ومنها: أنه لا يجب عليه القسم على أحد الأقوال.
ومنها: أنه بعد أن خيرهن فاخترن الله ورسوله، حرم عليه أن يتزوج غيرهن إلى أن مات.
ومنها: أن زوجاته لا يحل لأحد بعده أن يتزوجهن.
وهذه الآية من حيث الدلالة كقوله تعالى:{جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[فاطر: ١]، ولو أراد الله عزّ وجل أن يبين لعباده حل النساء إلى التسع لقال: فانكحوا ما طاب لكم من النساء اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا أو ستًا إلى التسع، ولا يأتي بهذا الأسلوب المشتبه؛ لأن القرآن نزل تبيانًا لكل شيء.
وقوله تعالى:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} ولم يذكر الواحدة؛ لأن المقام مقام تخيير، ومقام إعطاء النفس حظها، فإذا خفت أن لا تقسط في اليتيمة فأمامك النساء كمية وكيفية، فالكمية من اثنتين فصاعدًا، والكيفية قوله:{مَا طَابَ لَكُمْ}، فالباب أمامك مفتوح فيما تريد من النساء كيفية وكمية، ومعلوم أن الواحدة ليس فيها كمية.