للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَالْأَقْرَبُونَ} إنما جاءت باسم التفضيل دون القريبون؛ لأنه يبدأ في الأقارب بالأقرب فالأقرب.

وقوله: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}: هذه متعلقة بشيء محذوف، ولا يستقيم المعنى إذا جعلناها متعلقة بموالي، فالشيء المحذوف مقدر بما يناسب المقام، فـ: {تَرَكَ} يناسبها الإرث، قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] , وقال في الآية التي تليها: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢] فلما قال: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} علمنا أن المقدر: يرثون مما ترك الوالدان والأقربون، ويؤيد هذا التقدير قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر" (١)، إذًا قوله: {مِمَّا تَرَكَ} "من" بيانية أو تبعيضية، والمتعلق محذوف، والتقدير: يرثون.

وقوله: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} وهما الأب والأم، {وَالْأَقْرَبُونَ} وهم من عدا الوالدين، وإنما فسرنا الأقربين بمن عدا الوالدين مع أن الوالدين أقرب الناس؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، فالله تعالى جعل "موالي" يرثون مما ترك الوالدان، وهؤلاء الموالي الذين يرثون مما ترك الوالدان هم الفروع، إذًا: الوارث هو المولود، وهم الفروع، وقد بين الله سبحانه في كتابه كيف يرثون إذا انفرد الذكور أو انفرد الإناث أو اجتمعوا.

فإذا انفرد الإناث فإرثهم بالفرض فقط، وإذا انفرد الذكور فإرثهم بالتعصيب فقط، وإذا اجتمعوا فيرثهم بالتعصيب لكن


(١) تقدم ص ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>