للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه هي المرحلة الرابعة بعد المراحل الثلاث، وهي أننا إن خفنا الشقاق، ولم تثمر المراحل الثلاث؛ فحينئذ يوجه الخطاب للأمة: {فَابْعَثُوا حَكَمًا}، ولم يقل: فليبعثا حكمًا، فهنا انعزل الزوجان، وصار المجال مجال الحاكم الشرعي الذي يمثل الأمة، وعلى هذا فيكون قوله: {فَابْعَثُوا} خطابًا للأمة، لكن ليس المعنى كل واحد في السوق وفي المسجد، بل يبعث من ينوب عن الأمة، وهو الحاكم الشرعي، فيكون الخطاب هنا للأمة مرادًا بها من يمثلها وهو الحاكم الشرعي.

وقوله: {فَابْعَثُوا} أي: أرسلوا، والبعث بمعنى الإرسال.

{حَكَمًا}: الحَكَم ذو الحكم النافذ؛ أي: المحكم، فهو أخص من الحاكم؛ لأنه ذو الحكم النافذ فهو المحكم.

وقوله: {مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}: والحكم لا بد أن يكون ذا علم وأن يكون ذا بصيرة بالواقع، ومن المعلوم أنه لا بد أن يكون بالغًا عاقلًا رشيدًا، عالمًا بالحكم الشرعي، وعالمًا بواقع الزوجين، وما هي المشاكل، وما الذي أثار هذه المشاكل.

أما أن يأتي إنسان عامي أو غشيم ثم يريد أن يكون حكمًا بين الزوجين، فهذا لا يصلح.

فإذا اجتمع الحكمان فهنا تأتي النية ويكون لها تدخل، فإما أن يريد الحكم من أهل الزوج أن ينتصر الزوج، والحكم من أهل الزوجة أن تنتصر الزوجة، وفي هذه الحال لا يوفق الرجلان؛ لأن النية هنا غير سليمة، وإما أن يريد الحكم من أهل الزوج، والحكم من أهل المرأة الإصلاح بينهما، فحينئذ يقول الله عزّ وجل، وهو الصادق في قيله: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>