والضمير في قوله:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} يعود إلى الحكمين؛ لأنهما اللذان يحكمان، ونية الإصلاح تكون منهما لا من الزوجين؛ لأن الزوجين بينهما شقاق، وكل واحد منهما يريد أن ينتصر لنفسه، فالغالب أنهما لا يريدان الإصلاح، لكن الذي يريد الإصلاح هما الحكمان.
وقوله:{يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} الضمير في {بَيْنَهُمَا} هل يعود على الزوجين اللذين خفنا الشقاق بينهما، أو يعود على الحكمين اللذين يدلي كل واحد منهما بما يرى أنه حجة؟ فيه احتمالان:
الإحتمال الأول: أن يعود إلى الزوجين؛ لأن القضية في شأنهما، والحكمان إنما ينظران في شأن الزوجين، فيكون الضمير عائدًا إلى الزوجين.
الإحتمال الثاني: أن يكون الضمير عائدًا إلى الحكمين؛ لأن الحكمين سيأتي كل واحد منهما بما يقابل الآخر، فيكون المراد بأن يوفق الله بينهما: أن تلتقي أقوالهما ولا يحصل بينهما نزاع، فلا ينتصر الحكم من أهل الزوج للزوج، ولا الحكم من أهل الزوجة للزوجة.
ونقول بأنه عام لهذا وهذا فعندما يوفق الله بين الحكمين، فإن الله تعالى أيضًا بمنه وكرمه يوفق بين الزوجين.
قوله:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} أي: عالم خبير، والخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر والبواطن هو العلم، وعلى هذا فيكون ذكر الخبير بعد العليم من باب ذكر الخاص بعد العام، والجملة استئنافية لبيان لطف الله عزّ وجل فيما يجري من الحكمين؛ لأنه عزّ وجل عالم خبير بما يحدث بينهما من الحكم بين الزوجين.