للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميعًا اختلف المعنى فيهما، وإن انفصلت إحداهما عن الأخرى صارت كل واحدة بمعنى الأخرى.

وسمي المعدم مسكينًا لأن الفقر أسكنه وأذله، فالإنسان الفقير ذليل، ولهذا لا يطمع أن يصل إلى المرتبة التي وصل إليها الأغنياء إلا إذا كان فيه وصف يصعد به إلى درجة الأغنياء.

فمثلًا: الإنسان الفقير يعرف نفسه أنه ضعيف الرتبة عن الأغنياء، لكن لو فرض أن هذا الإنسان الفقير شجاع مقدام، صار هذا الوصف الذي فيه يرقيه إلى أن يكون في مرتبة الأغنياء أو أكثر، ولو فرضنا أن هذا الفقير ذو علم، صار في منزلة ترقيه إلى درجة الأغنياء أو أكثر، لكن مجرد كونه آدميًا وهو فقير لا يطمع في أن ينال مرتبة الأغنياء، ولهذا وصى به الله عزّ وجل.

قوله: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الجار: هو من كان قريبًا منك في المنزل، ومن المعلوم أنه يختلف قربه بحسب المسافة، ولكن الجار القريب إما أن يكون قريبًا منك في النسب أو بعيدًا، وأشار الله تعالى إلى الصنفين، فقال: {ذِي الْقُرْبَى} أي: ذي القرابة، {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} أي: البعيد؛ لأن الجيم والنون والباء كلها مادة تدل على البعد، فالمعنى الجار البعيد الذي ليس بينك وبينه قرابة.

وقيل: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} أي: القريب منك في السكن، {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} البعيد في السكن، ولكن المعنى الأول أصح، والمعنى الثاني يغني عنه قوله: {وَالْجَارِ}؛ لأن الجار هو من قرب منك في المنزل، ويعلم منه أنه كما قرب منك في المنزل كان أقرب جوارًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>