يجزون بالسوء مغفرة وبالإساءة إحسانًا لعجزهم، وليس لكمال أخلاقهم.
إذًا: فقوله عزّ وجل: {إنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} ليس المراد به مجرد نفي الظلم عن الله، بل المراد به إثبات كمال العدل، وأنه لكمال عدله لا يظلم، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢)} [طه: ١١٢]، وهذه القاعدة تكون في جميع ما نفى الله عن نفسه، فكل ما نفى الله عن نفسه، فإنه لا يراد به مجرد النفي، إنما المراد به إثبات كمال الضد، وإنه لكماله في ضد هذه المسألة انتفت عنه، ومن ذلك قوله:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق: ٣٨] أي: من تعب، لكمال قوته.
٢ - أن ما ذكر على سبيل المبالغة لا مفهوم له، لقوله:{مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} فلا مفهوم لقوله: مثقال ذرة أنه يظلم دون ذلك، بل لا يظلم مثقال ذرة ولا دونها، لكن عادة العرب ضرب المثل في الشيء الحقير بمثقال الذرة.
٣ - إثبات علم الله عزّ وجل لقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ}، فإنه يستلزم علمه بالظلم ومن يستحقه ومن لا يستحقه، مع أن الله تعالى لا يظلم أبدًا.
٤ - أن الله تعالى يضاعف الحسنات، لقوله:{وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}، وقد بين الله هذه المضاعفة بأن الحسنة بعشر أمثلها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ كثيرة.
٥ - أن رحمة الله تعالى سبقت غضبه؛ لأن الحسنات تضاعف والسيئات لا تزاد فقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}،