للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القراءة الأولى: بهمزتين محققتين {السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}.

القراءة الثانية: بحذف إحدى الهمزتين: "السفها أموالكم" الأولى على الأصل، والثانية للتخفيف، وكذلك قوله: "قيامًا" فيها قراءتان: "قِيَامًا" و"قِيَمًا"، والمعنى واحد.

يقول الله عزّ وجل: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} أي: لا تعطوهم، والسفهاء جمع سفيه، وهو من لا يحسن التصرف، إما لصغر في سنه، وإما لقصور في عقله ورشده، فإن هذا هو السفيه، والسفه يكون في الأموال ويكون في الأعمال، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: ١٣٠]، فمن رغب عن ملة إبراهيم الحنيفية السمحة فهو سفيه، وإن كان من أرشد الناس في تصرفه في ماله.

وقوله: {أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} فأضاف الأموال إلينا، وقد اختلف العلماء في معنى هذه الآية، فقال بعضهم: لا تؤتوا السفهاء أموالكم الخاصة بكم؛ لأنهم سوف يضيعونها بغير فائدة، فتفوت عليكم وتفوت عليهم، وقال بعض العلماء: بل المراد بذلك أموالهم هم، لكنه أضافها إلينا من أجل الولاية، فكأننا بولايتنا على هذا المال نملك هذا المال.

والآية صالحة للوجهين، ومن قواعد التفسير: "أن الآية إذا كانت صالحة لوجهين لا يتنافيان، فإنها تحمل عليهما".

وقوله: {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} {جَعَلَ} هنا بمعنى: صيّر؛ أي: الأموال التي جعلها الله لنا قيامًا، تقوم بها مصالح ديننا ومصالح دنيانا، فكم من أسير فك بالمال، وكم من ضرورة أزيلت بالمال، وكم من يتيم جبر قلبه بالمال، فالأموال في

<<  <  ج: ص:  >  >>