للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحقيقة قيام للناس في أمور دينهم ودنياهم، حتى إن الله سبحانه يقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس؛ لأن ضرورة الجهاد بالمال أكثر من ضرورتها بالنفس، حتى إن الذي يجاهد بنفسه محتاج إلى المال، فما الذي يوصله إلى ميدان القتال إلا الأموال، ولهذا نجد الله سبحانه يقدم ذكر الأموال في الجهاد على ذكر النفوس.

وقوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} أي: أعطوهم رزقًا، والرزق هو العطاء، وقوله: {فِيهَا} أي: في الأموال، ولم يقل منها، إشارة إلى أنه لا بد أن يكتسب الولي بمال هؤلاء السفهاء، حتى يكون الرزق فيها لا منها، وفرق بين الرزق فيها والرزق منها؛ لأنه لو لم يتجر فيها ويكتسب صار العطاء منها، فإذا قدرنا أنها مائة ريال فأعطاهم نفقة عشرة ريالات، فإنها تنقص كلما أعطاهم، لكن حينما قال: {فِيهَا} فإن المعنى: أن الرزق يكون فيها، فيكون المال أوسع من الرزق المعطى، وهذا يتضمن أن يتجر فيها ثم يعطيهم من الربح.

وقوله: {وَارْزُقُوهُمْ} أي: أعطوهم طعامًا وشرابًا، أما الكسوة فقال: {وَاكْسُوهُمْ} أي: اكسوهم ما يحتاجون إليه من القمص والسراويلات وغيرها، والفرش والسكن يدخل في قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}.

وقوله: {وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} أي: حين إعطائكم إياهم وكسوتكم إياهم قولوا لهم قولًا معروفًا؛ أي: قولًا هينًا لينًا، ولا تشمخوا بآنافكم عليهم وتمنَّوا عليهم؛ لأن ذلك خلاف الولاية الحقيقية، فمثلًا: إذا جاء السفيه وقال: أعطني، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>