للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا هو المعنى بلا شك؛ لأنهم ليسوا على استعداد إذا انفضوا عن رسول الله أن ينفقوا عليهم.

وهذه الآية التي معنا: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} هل المعنى: "إلى أن تعلموا ما تقولون" أو المعنى: "لتعلموا ما تقولون"؟ فيها وجهان، وتصلح لهذا وهذا، وإذا كانت صالحة للوجهين ولا منافاة بينهما فإنها تحمل عليهما، فنقول: السكران لا يقرب الصلاة حتى يعلم ما يقول؛ أي: حتى يصحو صحوًا تامًا، ولا يقرب الصلاة لأجل أن يعلم ما يقول في صلاته وما يفعل.

قوله: {وَلَا جُنُبًا} يعني: ولا تقربوا الصلاة جنبًا، والحال هنا صارت مفردة، وفي الأول قال: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، فالله أعلم هل هذا من باب اختلاف التنوع في الألفاظ، أو لسبب يظهر بالتأمل.

وقوله: {وَلَا جُنُبًا} كلمة "جنب" مفردة لفظًا، ولكنها صالحة للجماعة وللواحد، ولهذا قال: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} ولم يقل: إلا عابر سبيل، إذًا: "جنب" حال من فاعل {تَقْرَبُوا}، أو معطوفة على الجملة الحالية من فاعل {تَقْرَبُوا}.

قوله: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} أي: مجتازين مارين، وكيف يتفق هذا مع الصلاة؟

الجواب: نقول: إن الله لم يقل لا تصلوا، بل قال: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ}، وأماكن الصلاة هي المساجد، وعلى هذا يكون المعنى: ولا تقربوا أماكن الصلاة وأنتم جنبًا إلا عابري سبيل؛ أي: مارين بها مرورًا، والعبور بمعنى التجاوز، والسبيل بمعنى الطريق.

وقوله: {حَتَّى} للغاية، وهو غاية لقوله: {وَلَا جُنُبًا}، أما {سُكَارَى} فغايتها {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>