للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفق بعد فكلمه، فقال له حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لآبائي (١).

إذًا: تصور أنه ملك، وأن هؤلاء عبيد أبيه، فرجع النبي عليه الصلاة والسلام وعرف أن الرجل لا يدري ما يقول، وتركه.

فالسكارى جمع سكران، وهو من تغطى عقله على وجه اللذة والطرب، وذلك بشرب المسكر، أما البنج فليس بسكر، والإغماء ليس بسكر وإن تغطى العقل.

والسكر يكون بالشراب، ويكون بالشم، ويكون بالأكل، فكل ما أسكر فهو خمر، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام" (٢).

وقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} لفظًا ومعنًى، وما تفعلون كذلك من باب أولى، لأن الذي لا يعلم القول لا يعلم الفعل، وكثير من الناس لا يفهم من الفعل شيئًا، وبعض الناس يفهم من الفعل أكثر مما يفهم من القول، و {حَتَّى} تأتي للتعليل وتأتي للغاية، ففي قوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩١] لا شك أنها للغاية؛ لأن بقاءهم عاكفين على العجل لا يستلزم مجيء موسى.

وفي قوله تعالى: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: ٧]، هذه للتعليل؛ لأننا لو جعلناها للغاية كان المعنى: لا تنفقوا حتى ينفضوا فاذا انفضوا فأنفقوا، ولكن المعنى: لا تنفقوا على من عند رسول الله لأجل أن ينفضوا عنه،


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرًا (٤٠٠٣)؛ ورواه مسلم، كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب (١٩٧٩).
(٢) رواه مسلم، كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر .. ، حديث رقم (٢٠٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>