إشارة إلى سبب الوضوء؛ لأنه لو كان المراد اللمس باليد لكان في الآية تكرار وإهمال؛ أي: تكرار لحدث أصغر؛ لأن المجيء من الغائط هو الحدث الأصغر، ولمس النساء باليد حدث أصغر، وفيه إهمال للحدث الأكبر، فإذا قلنا الملامسة الجماع في قوله:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} صارت الآية تذكر الحدثين جميعًا الأصغر والأكبر.
أما لو قلنا {لَامَسْتُمُ} بمعنى اللمس باليد، وأن اللمس باليد ناقض للوضوء، لم يكن في الآية إلا ذكر سببين لحدث واحد، وهو الحدث الأصغر، وهذا نوع من التكرار.
وقوله:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} النساء اسم جنس يشمل الأحرار والعبيد، ويشمل الجميلة وغير الجميلة، ويشمل الصغيرة، ولكنه لا يشمل الصغيرة التي لا يوطأ مثلها، وسيأتي إن شاء الله ذكر ذلك في الفوائد.
وقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}: الفاء هذه حرف عطف على قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ونفي الوجدان يدل على الطلب؛ لأنه لا يقال لم يجد إلا لمن طلب، فيقول: طلبت فلم أجد، وأما من لم يطلب، فلا يصح أن يقال: إنه لم يجد.
قوله:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} تيمموا: أي اقصدوا؛ لأن التيمم في اللغة بمعنى القصد، كما قال تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}[البقرة: ٢٦٧] أي: لا تقصدوا الخبيث تنفقون منه ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه، وقال الشاعر:
تيممتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال