للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كفرًا وحمله على ذلك شدة الغضب فإنه لا عبرة بقوله، لقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}، فدل ذلك على أن جهل الإنسان بما يقول له أثر في تغير الحكم، وكذلك لو طلق في شدة الغضب وهو لا يعلم ما يقول، بل لو أنه طلق وهو يعلم ما يقول لكن صار كالمكره من شدة الغضب، فإنه لا حكم لقوله، ولا تطلق المرأة بذلك.

٤ - الحث على حضور القلب في الصلاة، لقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}، والقلب إذا غاب فإن الإنسان لا يعلم ما يقول، وإنما يقول على سبيل العادة فقط، وإلا لو أنه رجع إلى نفسه لتبين له أنه لا يدري ما يقول، أي: لا يدري معنى ما يقول، وإن كان قد يدري أنه لفظ.

٥ - أن فيه شاهدًا لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في حضرة الطعام، أو وهو يدافعه الأخبثان (١)، ووجه ذلك: أن الصلاة في هذه الحال ينقصها العلم بما يقول المصلي.

٦ - ومنها ما ذهب إليه بعض العلماء: من أن الوسواس إذا غلب على أكثر الصلاة فإنها لا تصح، يعني لو غلب الوسواس والهواجس في الصلاة أو على أغلبها، فإنها لا تصح، لقوله تعالى: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.

ولكن هذه المسألة الصحيح فيها أن الصلاة تصح، لكنه لا ينال الثواب الكامل، ودليل ذلك ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي


(١) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله (٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>