للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: ١٠١] والتقدير: ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق، وكل من القولين له وجه:

أما الذين قالوا إن {مِنَ} التبعيضية اسم، فيرجح قولهم أننا لا نحتاج إلى تقدير في الآية، وإذا دار الكلام بين التقدير وعدمه فعدم التقدير أولى؛ لأن الأصل عدم الحذف، وأما الثاني فيقويه أن {مِنَ} التبعيضية حرف، واستعمالها اسمًا إخراج لها عن موضوعها الأصلي، فنكون ارتكبنا مجازًا بتقديرنا إياها اسمًا، ويكون تقدير الإسم أرجح، ويسمى هذا إيجازًا بالحذف؛ لأن الإيجاز إيجاز بالحذف، وإيجاز بالقصر، فإذا كانت جملة قليلة لكن تحتمل معنى كبيرًا، فهذا إيجاز بالقصر، وإذا كانت جملة فيها أشياء محذوفة، فهو إيجاز بالحذف.

قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} أي: يصرفونه، والتحريف التصريف، ومنه حرف الدابة عن جهة سيرها؛ أي: صرفها، والكلم: اسم جمع واحده كلمة، قال ابن مالك في الألفية:

............................ ... واسم وفعل ثم حرف الكلم

واحده كلمة والقول عم ... وكلمة بها كلام قد يؤم

والمراد بالكلم هنا ما أنزله الله تعالى على رسله من الوحي.

وقوله: {عَنْ مَوَاضِعِهِ} أي: يصرفونه عما أراد الله عزّ وجل به؛ لأن ما أراده الله بكلامه فهو موضعه، قال العلماء: والتحريف نوعان: لفظي ومعنوي، وقد ينفرد واحد عن الآخر وقد يجتمعان، ثم التحريف اللفظي قد يتغير به المعنى وقد لا يتغير به المعنى، ولنضرب لكل واحد مثالًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>