للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالتحريف اللفظي المعنوي كتحريف بعضهم قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] إلى: "وَكَلّمَ اللهَ مُوسى تَكْلِيمًا"، فهذا تحريف لفظي معنوي، لفظي لأنه جعل لفظ الجلالة منصوبًا بعد أن كان مرفوعًا، ومعنوي: لأنه تغير به المعنى، حيث كان دالًا على أن المكلِّم هو موسى.

ومثال التحريف اللفظي الذي لا يتغير به المعنى: أن يقول القارئ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} فهنا التحريف لفظي؛ لأنه كان يجب أن يقول {رَبِّ الْعَالَمِينَ} لكن هذا التحريف لا يتغير به المعنى.

ومثال التحريف المعنوي مع إبقاء اللفظ على حاله، تحريف أهل التعطيل قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥] إلى معنى: استولى، فهم لم يغيروا اللفظ، فاللفظ قد أبقوه على ما هو عليه، ولم يغيروه، لكن قالوا: المراد بالإستواء الإستيلاء، وهذا تحريف معنوي.

ثم إن هذا التحريف المعنوي سماه متبعوه تأويلًا، وقالوا: التأويل صرف الكلام عن ظاهره إلى المعنى المخالف للظاهر بدليل، فسموا هذا التحريف تأويلًا، ولكنا نقول: هذه التسمية تمويه على السامع؛ لأن التأويل أن يصرف الكلام عن ظاهره لدليل صحيح، وأما الدليل الذي استدلوا به فهو دليل وهمي وليس له أصل من الصحة، وعليه فنقول: إذا صرف الإنسان الكلم عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر، فإن كان هناك دليل من كتاب أو سنة فإنه مقبول، وإن لم يكن له دليل فإنه غير مقبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>