للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨] أي: إذا أردت أن تقرأ القرآن.

وهذا تأويل مقبول لأن له دليلًا، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ عند إرادة القراءة لا عند إنهاء القراءة، فالدليل فعل الرسول عليه الصلاة والسلام.

وإذا قال قائل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥] أي: استولى، قلنا: هذا صرف للكلام عن ظاهره، وهو غير مقبول لأنه لا دليل عليه، فصار التأويل الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره، إن دل عليه دليل فهو مقبول، ونسميه تفسيرًا، وإن لم يدل عليه دليل فهو مرفوض ونسميه تحريفًا.

وهؤلاء الذين هادوا أو بعض هؤلاء الذين هادوا حرفوا الكلم عن مواضعه، بالنسبة لعيسى عليه السلام وبالنسبة لمحمد عليه الصلاة والسلام، أما عيسى عليه السلام فادعوا عليه ما برأه الله منه أنه ولد بغي، وأنه لا يصح أن يكون رسولًا؛ لأن الرسل طاهرون مطهرون، وهذا ولد بغي فليس برسول، وقتلوه حكمًا لا حقيقة؛ لأنهم قالوا: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء: ١٥٧]، فأقروا على أنفسهم بقتله فيكون لهم حكم الذين قتلوه، أما حقيقة فقد قال الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: ١٥٧].

وحرفوا الكلم بالنسبة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: ليس هذا الرسول المنتظر، وكانوا قبل أن يبعث يستفتحون على الذين كفروا يقولون: سيبعث نبي ونتبعه ونغلبكم، لكن لما بعث من بني إسماعيل، وكانت بنو إسماعيل بني عمهم حسدوهم؛ لأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>