للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفضل على المفضل عليه، وهذا هو الأصل في اسم التفضيل أن يشترك المفضل والمفضل عليه بأصل المعنى، لكن أحيانًا يأتي اسم التفضيل والطرف الآخر ليس فيه شيء منه، فهنا قال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} فليس في قولهم السابق خير، ولا في قولهم السابق استقامة، ومع ذلك قال: {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ}.

ومثل ذلك قول المؤذن في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم، فالنوم الذي يصد عن الواجب لا خير فيه وإن كان الإنسان يعذر به، والذي يحب النوم سيقول: ليس مثله؛ لأن النوم خير.

ومثل هذه الآية قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} [الفرقان: ٢٤].

لأن أصحاب النار لا خير في مستقرهم، ولا حسن في مقيلهم، ويتمنون أن لا يكونوا من أهل النار.

١٥ - إثبات أصل التفاضل بين الأعمال والأقوال؛ لأن الله قال: {خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ}، ولا شك أن التفاضل بين الأقوال السيئة والحسنة والأفعال السيئة والحسنة ثابت، لكن هل تتفاضل الأعمال الحسنة؟ وهل تتفاضل الأعمال السيئة؟

الجواب: نقول: الأعمال تتفاضل، ولهذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قيل: ثم أي؛ قال: "بر الوالدين"، قيل: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" (١) والسائل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

وكذلك أيضًا: قال الله تعالى في الحديث القدسي: "ما


(١) تقدم ص ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>