للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {أَلَمْ تَرَ} إما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخطاب الموجه إليه موجه للأمة عن طريق التبع؛ لأن الأمة فرع.

وقيل: إن الخطاب موجه لكل من يتأتى خطابه؛ أي: لكل من يصح توجيه الخطاب إليه، والثاني أعم؛ لكن القولين لا يتنافيان؛ أي: حتى لو قلنا إن أصل الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام فخطاب الزعيم خطاب له ولمن تبعه.

وقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ} جواب الإستفهام محذوف أي: أتحصل لهم التزكية، فهذا هو المعنى؛ لأنه إذا جاء مثل هذا الكلام فلا بد أن يكون هناك جملة استفهامية إما مذكورة وإما محذوفة.

وقوله: {يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ} أي: ينسبونها إلى الزكاء وهو ضد الشقاء، والمراد بهؤلاء كل من زكى نفسه، وأول من يدخل في ذلك اليهود والنصارى؛ لأن اليهود والنصارى قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨]، {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: ١١١]، {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: ٨٠] فزكوا أنفسهم بالعمل والجزاء عليه، زكوا أنفسهم بالعمل حيث قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}، وزكوا أنفسهم بالثواب عليه حيث قالوا: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}، وزكوا أنفسهم أيضًا من وجه آخر بالجزاء: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}، ومن كان مثلهم؛ أي: من زكى نفسه فإنه آخذ بنصيب من مشابهتهم، فمن قال: أنا ولي، أو أنا تقي، أو ما أشبه ذلك، فقد زكى نفسه، ولا سيما ما يحصل من بعض مشايخ الصوفية الذين يغرون الناس فيقولون:

<<  <  ج: ص:  >  >>