للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا ... منا معاقل عزٍّ زانها كرم

فقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} شرط في ضمن شرط، وقوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ} أي: أبصرتم، ومنه قوله: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} [القصص: ٢٩] أي: أبصر.

وقوله: {رُشْدًا} الرشد في كل موضع بحسبه، ويجمع جميع معانيه كلمة واحدة، وهي حسن التصرف، فإن كان في المال فبأن يبيع الإنسان ويشتري مرارًا ولا يُغبن إلا بما جرت به العادة، وإن كان في التصرف للغير فأن يكون حسن الولاية، ومنه الرشد في ولاية النكاح، وهو أن يكون عالمًا بالكفء ومصالح النكاح.

إذًا: الرشد في كل موضع بحسبه، والمراد بقوله هنا: {رُشْدًا}؛ أي: تصرفًا صحيحًا في أموالهم.

وقوله: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} أي: أعطوهم إياها، وأوصلوها إليهم، ولا تقولوا: ائتوا خذوا أموالكم، بل ادفعوها إليهم، وسيأتي أن الولي له الأجرة أو الأكل بالمعروف حسب ما تقتضيه حالهم.

وقوله: {وَلَا تَأْكُلُوهَا} أي: أموالهم {إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} {إِسْرَافًا} يجوز (١) أن تكون مفعولًا مطلقًا؛ أي: أكل إسراف، والإسراف هو مجاوزة الحد، وهو أيضًا في كل موضع بحسبه، وقوله: {وَبِدَارًا} أي: مبادرة، فهي من بادر بمعنى استعجل الشيء، وقوله: {أَنْ يَكْبَرُوا} أي: بدارًا لكبرهم، يعني: تبادروا كبرهم؛ لأنهم إذا كبروا زالت الولاية عليهم وصاروا


(١) كأن الشيخ رحمه الله يشير إلى الوجه الثاني وهو: أن تكون مفعولًا لأجله.

<<  <  ج: ص:  >  >>