راشدين، فربما يأكل بعض الأولياء أموالهم على وجه الإسراف، أو على وجه الإقتصاد ولكن يبادر، ولهذا لا يقول قائل: إن الكلمتين مترادفتان، بل نقول: إن الإسراف مجاوزة الحد، فمثلًا: إذا كان يكفيه عشرة أخذ خمسة عشر، {وَبِدَارًا} أي: أن يأكل بلا إسراف، لكنه يبادر بالأكل قبل أن يكبروا.
وقوله:{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} أي: من كان من الأولياء غنيًا لا يحتاج إلى مال اليتيم {فَلْيَسْتَعْفِفْ} أي: فليكف عن الأكل. {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} واللام في قوله: {فَلْيَسْتَعْفِفْ} للأمر، وفي قوله:{فَلْيَأْكُلْ} للإباحة.
فإذا قال قائل: ما الذي أخرج اللام في قوله: {فَلْيَأْكُلْ} عن الأمر؟
فالجواب: لأنها أعقبت النهي، وهو قوله:{وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا}، والأمر بعد النهي إما للإباحة على قول بعض العلماء، أو لرفع الحظر، وهنا إذا رفع الحظر فهو مباح.
وقوله:{وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أي: فليأكل أكلًا بالمعروف؛ أي: بما جرى به العرف، فلا يأكل أكل الأغنياء، وإنما يأكل أكل مثله.
مثال ذلك: إذا كان فقيرًا فقال: أنا سآكل أكل الأغنياء؛ لأنني ولي عليه - ومن المعلوم أن أكل الفقير ليس كأكل الغني - قلنا: هذا لا يجوز، بل كل بالمعروف.
وقوله:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} أي: إذا بلغوا ورشدوا.