للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصيبهم من الزكاة، وهؤلاء نصيبهم، ثم زكى الجميع على وجه عام فقال: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}.

وقال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: ٩٥]، فالله تعالى هو الذي يزكي.

وكذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - يزكي أيضًا، فيقول مثلًا: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (١)، ومن زكاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو زكي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الأمور لا ينطق إلا عن وحي.

وقوله تعالى: {لِمَنْ يَشَاءُ} هذا تابع للحكمة أيضًا، وكل فعل مقيد بالمشيئة فهو تابع للحكمة، فيزكي عزّ وجل من كان أهلًا للزكاء، سواء كان الزكاء بعد العمل أو قبل العمل، فمثال التزكية بعد العمل ما ذكرنا من الآيات، والتزكية قبل العمل أن يهب الله للإنسان العمل الصالح، فإنه كما أنه أعلم حيث يجعل رسالته، فهو يعلم حيث يجعل أثر هذه الرسالة، وهي الإيمان والعمل الصالح، فتزكية الله تزكية قبل العمل وتزكية بعده، وهو سبحانه يزكي من يشاء قبل العمل وبعده، وإذا قلنا إن المشيئة تابعة للحكمة، فإنه لن يزكي إلا من كان أهلًا للزكاء.

ثم قال: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} الواو للجماعة، وقوله: {لِمَن


(١) رواه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣٤٥١)؛ ومسلم، كتاب فصائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم .. ، حديث رقم (٢٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>