للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} أي: فإن فضلنا لن يزال موجودًا، وليس هذا أول فضل تفضلنا به على عباد الله، بل إن الفضل لم يزل موجودًا، والمراد بآل إبراهيم هنا: كل من تبعه على دينه، وهو أولهم عليه الصلاة والسلام، وقد آتاهم الله الكتاب وآتاهم الحكمة، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، وأكثر الأنبياء الذين قصهم الله علينا من ذرية إبراهيم، فأكثرهم من بني إسرائيل، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، والواحد الوحيد في آل إبراهيم محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو من ذرية إسماعيل عليه السلام، ودينه مهيمن على جميع الأديان، ورسالته خاتمة للرسالات، وأمته باقية إلى يوم القيامة.

و{الْكِتَابَ} بمعنى المكتوب، والكتب المنزلة على الأنبياء كلها تكتب باليد، والحكمة: هي الصواب، فالقرآن صواب، والتوراة صواب، والإنجيل صواب، وكل ما جاءت به الرسل فهو صواب ولهذا قيل: إن الحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها.

قوله: {وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} أي: آتينا آل إبراهيم ملكًا عظيمًا، وأبلغ مثل في ذلك ما أعطاه الله لسليمان عليه السلامِ، فقد آتاه الله ملكًا عظيمًا، حين قال: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥]، حتى إن الشياطين المردة {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: ١٣]، وحتى إن من الشياطين {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٣٨)} [ص: ٣٧، ٣٨]. بناء: يبني على ظاهر البر، وغواص: يغوص في البحر ليأتي بالجواهر والدرر، وكل ما

<<  <  ج: ص:  >  >>