للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون في البحر، والقسم الثالث مقرنون في الأصفاد؛ لأنهم عصوا أمره، فقرنهم في الأصفاد وحبسهم، وهذا ملك عظيم!

كذلك أيضًا سخر الله له الريح {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: ٣٦]؛ أي: حيث أراد، وقوله: {رُخَاءً}: أي: بدون اضطراب وبدون مشقة، والمعروف أن الريح يكون فيها قلق ومشقة، وإن لم تحمل الإنسان، فضلًا عما لو قدر أن هناك ريحًا تحمله لكان فيها القلق والإضطراب، لكن الله تعالى جعلها رخاء مع أنها عاصفة، {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ} [الأنبياء: ٨١]، لكن مع كونها عاصفة لم يكن فيها قلق، بل هي {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ}.

قال العلماء: إنه إذا أراد أن تتجه إلى ناحية وضع بساطًا وجلس عليه هو وحاشيته، ومن أراد أن يسافر معه، ثم أمر الريح فحملته، فطارت به، {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: ١٢] وهذا من قدرة الله عزّ وجل، وهو من جملة الملك الذي أعطيه آل إبراهيم، وهذا لا شك أنه ملك عظيم، حيث يسخر له الشياطين والرياح.

ولما قال: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: ٣٨] وكان عرشها بالجنوب، في اليمن، وهم في الشمال في الشام، {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل: ٣٩] وكان له حد معين يقوم فيه؛ أي: بعد ساعة أو ساعتين أو نحو ذلك، {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: ٣٩] {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: ٤٠] أي: مد الطرف ثم رده آتيك به، {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} [النمل: ٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>