للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"على وجه الإستعلاء" خرج به الإلتماس والدعاء، وقولنا: على وجه الإستعلاء ولم نقل على وجه العلو يشمل ما إذا كان الآمر عاليًا حقيقة أو مستعليًا ادعاءً، إن لم يكن عليًا في الواقع، فهنا عندنا قيود.

مثال ذلك: عبد مملوك أسر حرًا كريمًا، فجعل يأمره ويقول: افعل كذا .. وقرب لي كذا .. وأبعد عني كذا، فالحر أعلى ولا شك، لكن هذا ادعى العلو لنفسه فاستعلى عليه، فهذا هو الأمر.

وكل أمر موجه من الله للعباد فالأصل فيه أنه لطلب الفعل وأنه للوجوب، لكن قد تخرج الأوامر عن غير ذلك للقرائن.

قوله: {أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الأمانات جمع أمانة، وهي كل ما اؤتمن الإنسان عليه من أمتعة، ونقود، وأقوال، وأفعال وغير ذلك، تؤدي إلى أهلها، والضابط في أهلها هم الذين أمرت بأدائها إليهم، فمثلًا: إذا قال لك شخص: خذ هذه الدراهم وأدها إلى فلان، فالمؤتمن صاحب الدراهم، وأهلها الذين أمرت أن تؤديها إليه، يعني: فلا تؤدها إلى أحد غيره، وقد تكون الأمانة بالقول، فأقول لك مثلًا: بلغ سلامي فلانًا، فإذا قلت: نعم؛ فقد تحملت، فلا بد أن تؤدها لي السلام، أما إن قلت: إن ذكرت أو لا أتحمل فأنت بالخيار، لكن إذا قال: بلغ سلامي فلانًا فقلت: نعم أبلغه فلا بد أن تبلغه؛ لأن هذه أمانة، وقد أمرك الله أن تؤديها إلى أهلها، وسيأتي إن شاء الله في بيان الفوائد أنواع الأمانات.

قوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} {وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>